الكريم ومدلولاتها الدقيقة من خلال السياق والسباق، ومدى مساهمة هذه النصوص في رسم أجزاء الصورة للموضوع القرآني الواحد، الذي ربما توزعت صورته هذه على صفحات وأزمان متباعدة. ولم يكن هذا الفهم المتكامل الجوانب لكتاب الله العزيز، وبخاصة في مسائل الاعتقاد التي ثار حولها الخلاف، هو الأصل أو القاعدة في تفسير الخلف اللاحقين؛ حيث عمدت المدارس الكلامية إلى بعض أجزاء صورة الموضوع الواحد فجعلتها أصلا كاملا- أو مقررا فكريا مسبقا- مما اضطرها إلى إدخال سائر أجزاء صورة الموضوع الواحد في باب التأويل (١).
ومعنى ذلك أن المقرر الفكري المسبق الذي لم يكن شيئا خارجا عن النص القرآني نفسه، لأن هذه هي حال جميع الفرق والمذاهب التوحيدية في الإسلام؛ لم يحصل- في الوقت ذاته- لأن الخلف كان عندهم في كتاب الله ما ليس عند السلف! أو لأنهم، بعيد انتهاء المد الروحي الأول، تفرّغوا لملاحظة التعارض في بعض النصوص القرآنية، كما زعم أحمد أمين وضرباؤه من النقلة والمترجمين، لأن «مصدر» التعارض هنا أو سببه- فيما نؤكده ونذهب إليه- ليس نصوص القرآن الكريم، ولكنه فهم المفسر أو عقله، أو تجزيئه للصورة القرآنية الواردة في