الجهالة التي اكتنفتها، من حيث المؤلف، والزمن، واللغة، والمترجم، وتاريخ الترجمة... وأخيرا: الشك في صحة النسبة من الأصل، كما رأينا في إنجيل يوحنا الأخير.
وهذا هو السبب في أن القصص شغلت أكبر حيز من كل إنجيل من هذه الأناجيل... وبخاصة قصة مريم وحملها بالمسيح، وولادته، وما أحاط بها من عجائب وغرائب، وما كان يحدث من أمور خارقة للعادة، وكيف دعا إلى دينه، واجتبى إليه الحواريين... إلى جانب الحديث عن «صلبه»! - على زعمهم- وقيامه... إلخ. والعجيب- بهذه المناسبة- أن توصف مريم- عليها السلام- في بعض فقرات إنجيل متّى بأنها كانت مخطوبة ليوسف النجار قبل أن تحمل بالمسيح- عليه السلام-، وفي فقرات أخرى من الإنجيل نفسه بأنها كانت زوجة له!! (١).
٣ - على الرغم من اتفاق هذه الأناجيل الأربعة في جوهر القصص والعقيدة والتشريع والأخلاق والزواج- مع الاختلاف المشار إليه في إنجيل يوحنا- «فإنها تختلف فيما بينها في كثير من التفاصيل، ويبدو خلافها هذا حتى في القصص نفسه» وقد كتب الإمام ابن حزم- رحمه الله- في بيان وجوه الخلاف بين هذه الأناجيل، وما تشتمل عليه من «أكاذيب ومتناقضات ودلائل دامغة على التحريف» وفعل ذلك أيضا بعض العلماء والباحثين المعاصرين من مسلمين وأوروبيين (٢).
(٢) راجع الأسفار المقدسة، ص ٧٩ - ٨٦، والفصل لابن حزم ٢/ ١ - ٧٠ وكتاب إظهار الحق لمؤلّفه رحمة الله الهندي الذي أحصى من الخلافات بين الأناجيل أكثر من مائة موضع. طبع إدارة الشئون الدينية بدولة قطر.