ولا تخاطب ولا تنطق، وما أجمل آيات القرآن وهي تسري كالدماء في شرايين الجسد الإنساني، تحييه وتوقظه وتبعث فيه الدفء والنور والحياة.
ولا نملك في موطن الحديث عن حروف التهجي في القرآن إلا أن نقف خاشعين أمام أسلوب القرآن المعجز.
- ألم تؤد هذه الأحرف أغراضها في الخطاب القرآني؟
- ألم يجد المسلم في هذه الأحرف القرآنية قداسة القرآن وعظمة أسلوبه؟
- ألم يقف صحابة رسول الله ﷺ بأدب وخشوع أمام هذه الأسرار؟ فلم يتطاولوا على القرآن بفهم عقيم، ولم يحاولوا الجدل فيما لا طائل تحته ولا فائدة منه.
فما أجدرنا أن نقف اليوم بخشوع أمام جلال القرآن، فلا نتخطاه ونتلقى الخطاب القرآني كما تلقاه أسلافنا، بفهم عميق وإدراك لأغراضه ومقاصده.
خواتم السور:
وتميزت خواتم السور كما تميزت فواتح السور بدلالات ومعاني وإشارات محققة أهدافها في مخاطبة البشر، مبينة لهم حكما، ومواعظ، داعية لهم بالهداية والاستقامة، مبشرة ومنذرة.
انظر إلى ذلك الخطاب الرباني الملهم في آخر سورة البقرة:
رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.
ما أجمل هذه الخاتمة، القرآن يعلمنا كيف ندعو الله، كيف نلتجئ إليه، ندعوه بألا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وندعوه بألا يحملنا ما لا طاقة لنا به.
خاتمة رائعة، ما أجمل أن يقف المفسرون أمامها بخشوع وأدب، لا يفسرونها بالقواميس، ولا يشوهون لغتها بالمفردات اللغوية، ولا يعبثون بجمالها، ولا يحيطونها بمعاني جديدة، فهي أوضح من كل تفسير، وأجمل من كل تعبير وأدل على المراد من كل بيان.