بضع وعشرين، فأنساق السور كأنساق الآيات والحروف، كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن».
وقال الكرماني في البرهان: «ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب».
وقال الطيبي: «أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ».
وذهب الزركشي في البرهان إلى أن العلماء اختلفوا في ترتيب السور على ما هو عليه هل هو توقيف أو من فعل الصحابة إلى ثلاثة أقوال (١):
القول الأول: ترتيب السور اجتهادي، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء ومنهم مالك والقاضي أبو بكر بن الطيب، وقالوا: إن النبي ﷺ فوض الأمر إلى أمته.
القول الثاني: ترتيب السور توقيفي: واعتبر الزركشي أن الخلاف بين القول الأول والثاني يرجع إلى اللفظ، لأن الصحابة ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما قاله مالك فمن قال بالاجتهاد اعترف بأن الصحابة ألفوا القرآن بحسب ما سمعوه، والخلاف بين التوقيف القولي أو الاستناد الفعلي كما يقول الزركشي.
القول الثالث: التفصيل: فبعض القرآن علم ترتيب سوره في حياته ﷺ كالسبع الطوال والحواميم والبعض الآخر فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويلاحظ أن الخلاف لفظي وظاهري كما قال الزركشي، بين من قال بالتوقيف والاجتهاد، فمن قال بالاجتهاد اعترف أن الصحابة راعوا في الترتيب ما

(١) انظر البرهان، ج ١، ص ٢٥٧.


الصفحة التالية
Icon