الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين» (١).
ويستنتج من هذا النص ما يلي:
الأمر الأول: إباحة كتابة القرآن بالكتابة الإملائية الموافقة لقواعد اللغة، وذلك تيسيرا لقراءة القرآن، وتمكينا من التلاوة السليمة، لأن الرسم العثماني يتطلب قدرة على قراءة الرسم وحفظا للقرآن.
الأمر الثاني: الحفاظ على الرسم العثماني، كرسم أصيل للنص القرآني، لأن ذلك الرسم يحظى بمكانة متميزة في النفوس.
ويمكننا أن نقرر في موضوع رسم القرآن ما يلي (٢):
أولا: استبعاد فكرة الخطأ في الرسم العثماني:
وهذا منطلق أساسي لدراسة فكرة الرسم القرآني، فلا يمكن التسليم بما ذهب إليه ابن خلدون من إثبات الخطأ الإملائي في الرسم، لعدم قيام الدليل على ذلك، ولاستحالة قبول الصحابة الأخطاء الإملائية في رسم المصاحف العثمانية، ولو افترضنا أن خطأ ما وقع اكتشافه بعد الكتابة لكان من اليسير التنبيه عليه وإصلاحه، وإن قبول الصحابة والتابعين وأجيال العلماء التي جاءت بعدهم بالرسم العثماني دليل على انعدام فكرة الخطأ، والتسليم بخصوصية الرسم القرآني.
وردّ العلماء على ما أثاره البعض من شبهات، وضعفوا ما روي عن عثمان عند ما عرض عليه القرآن أنه قال: «أحسنتم وأجملتم إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها»، وقال الألوسي عن هذه الرواية أن ذلك لم يصح عن عثمان أصلا، وكيف يجوز من الناحية العقلية أن يقول عثمان عن مصحفه الذي اعتمده
(٢) انظر كتابنا الفكر الخلدوني من خلال المقدمة ص ٤١٤.