وكاملا فعلى الأقل هو توقيف جزئي في بعض المفردات لكي تكون أكثر ملاءمة للتعبير القرآني ولرسمه المميز.
وأشار بعض أعلام التصوف من أهل الفهم لعظمة الدلالات في الرسم القرآني، ولما توحي به تلك الأحرف الزائدة والناقصة والموصولة والمفصولة والمبدلة والمهموزة في إشارات لا يدركها العقل ولا تحكمها معاييره، وإنما يدركها أرباب الفهم من أصحاب القلوب اليقظة الذين يفقهون ما لا يفقه غيرهم من حقائق القرآن، ويفهمون ما لا يفهم غيرهم من حقائق الدين.
قواعد رسم القرآن:
قال الزركشي في البرهان:
«واعلم أن الخط جرى على وجوه، فيها ما زيد عليه على اللفظ، ومنها ما كتب على لفظه، وذلك لحكم خفية وأسرار بهية، تصدى لها أبو العباس المراكشي الشهير بابن البناء في كتابه: «عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل»، وبين أن هذه الأحرف إنما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها» (١).
وحدد علماء القرآن قواعد الرسم القرآني بما يلي:
أولا: قاعدة الحذف (٢):
١ - تحذف الألف من ياء النداء: يأيها الناس، وهاء التنبيه: هؤلاء، وبعد لام: خلئف، وبين لامين: الضللة، ومن كل علم زائد على ثلاثة: إبراهيم، ومن كل مثنى وجمع تصحيح لمذكر أو مؤنث: اللعنون، ومن كل جمع على وزن مفاعل المسجد واليتمى، ومن كل عدد كثلث ومن كل ما اجتمع فيه ألفان كقوله آشفقتم، آنذرتم.
٢ - وتحذف الياء من كل منقوص منون: باغ وعاد، وفي حال التكرار:
نحو، والحواريّين، وفي قوله: وَأَطِيعُونِ، وَاتَّقُونِ، وَخافُونِ.

(١) انظر البرهان، ح ١، ٣٨٠.
(٢) انظر الإتقان، ج ١، ص ١٤٧ - ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon