وهذه القواعد تؤكد أن الرسم العثماني روعيت في كتابته غايات ومقاصد، منها ما يمكن إدراكه ومعرفته، ومنها ما لا يمكن إدراكه وتفسيره، ولهذا فإن الرسم العثماني يظل إحدى أهم دعائم النص القرآني من حيث التوثيق والضبط والدقة، وسواء قلنا بأن هذا الرسم توقيفي أم اجتهادي فإن الحفاظ على هذا الرسم يجب أن يظل من المطالب الضرورية، وهذا لا يمنع عند الضرورة من كتابة القرآن بالإملاء الموافق للنطق المعتاد في الكتابة العربية لأغراض تعليمية، وبخاصة إذا كثر اللحن في قراءة القرآن، وتعذرت على الناس قراءته بطريقة سليمة وصحيحة.
مصير المصاحف العثمانية:
اعتمد «عثمان» مصحفه بعد أن أتمت اللجنة المكلفة بجمعه وكتابته عملها، وأشرف على ضبط الآيات، وترتيب السور بحيث يكون هذا الترتيب موافقا للتلاوة والترتيل الذي كان حفاظ القرآن يلتزمون به.
وأصبحت المصاحف العثمانية هي المصاحف المعتمدة في الأمصار الإسلامية الرئيسية في مكة والشام والبصرة والكوفة والمدينة بالإضافة إلى المصحف الإمام الذي هو الأساس في المصاحف الأخرى، وهو المصحف الأول الذي نسخت منه المصاحف.
وأوفد عثمان مع كل مصحف قارئا يقرئه ويسهر عليه، فقد كلف زيد بن ثابت أن يقرئ الناس بالمدينة، وأوفد عبد الله بن السائب إلى مكة، والمغيرة بن شهاب إلى الشام، وأبا عبد الرحمن السلمي إلى الكوفة، وعامر بن عبد القيس إلى البصرة، وأصبح هؤلاء هم قراء القرآن وحفظته يسهرون على حفظ المصحف المعتمد، ويقرءون الناس به، ولا يسمحون بأن يناله تحريف أو تبديل، أو زيادة أو نقص.
وكان هذا العمل من أعظم الأعمال التي أدت إلى حفظ القرآن، وتوحيد نصه وقراءته ورسمه، لئلا يقع فيه تغيير أو تبديل، وظلت المصاحف العثمانية في