معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة»، وروي عن محمد بن الحسن قوله: اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا تشبيه، ونقل هذا الرأي عن سفيان الثوري ومالك وابن عيينة ووكيع، وقالوا جميعا بضرورة عدم التفسير والتأويل، وذهب بعض أهل السنة إلى جواز تأويل هذه الآيات على ما يليق بجلاله تعالى، وتوسط ابن دقيق العيد، فأجاز التأويل إذا كان قريبا من لسان العرب، فإذا كان التأويل بعيدا توقفنا عنه وآمنا بمعناه على الوجه الذي أريد به مع التنزيه.
وموقف أهل السلف أوضح وآمن وأسلم، فإن من الصعب على العقل البشري أن يخوض في تأويل ما ليس به علم، وأنى له علم ذلك والعقل البشري لا يدرك إلا المعاني القريبة منه، مما تدركه الحواس، والتأويل قد يبتدئ يسيرا منضبطا، ثم تتوسع مجالاته، وتنحرف مسالكه، وتضطرب أقواله، ثم يكون مطية لانحراف خطير.
وهنا نقف وقفة يسيرة عند أنواع المتشابه كما أوردها «الراغب» في مفرداته، وليس كل متشابه سواء، فمتشابه الغرابة في الألفاظ والتراكيب ليس كمتشابه المعاني، حيث يقف العقل عاجزا عن الفهم، حائرا مضطربا، لا يدري وجه الصواب، وأنى للمفسر أن يدرك الصواب في أوصاف الله وفيما يدخل ضمن الغيب؟
ويكفي المؤمن أن يقف في مثل هذه المواطن مؤمنا مسلما خاشعا تاركا تفسير ذلك وتأويله لله تعالى، فما توصل إليه أهل التأويل في موضوع الاستواء على العرش من حيث تفسير الاستواء بالاستقرار وبالاستيلاء أو بالصعود أو بالعلو لا يبدو مقنعا، لأن كل معنى لا يخلو من محاذير، وأخطرها التجسيم، والله منزه عن ذلك، والآية واضحة الدلالة معبرة صادقة معجزة، ولا تحتاج بعد ذلك إلى تفسير أو تأويل.
واعتبر العلماء أن حروف التهجي في أوائل السور القرآنية من المتشابه،