مجاهد» اقتصر في قبوله للقراءات على سبع قراءات اختارها من بين القراءات التي كانت شائعة.
قال مكي بن أبي طالب:
من ظن أن قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما، قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة وغيرهم ووافق خط المصحف ألا يكون قرآنا، وهذا غلط عظيم، فإن الذين صنعوا القراءات من الأئمة المتقدمين كأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي حاتم السجستاني وأبي جعفر الطبري وإسماعيل القاضي قد ذكروا أضعاف هؤلاء، وكان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة ابن عمرو ويعقوب، وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم، وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمروا على ذلك، فلما كان على رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب، قال:
والسبب في الاقتصار على السبعة مع أن في أئمة القراء من هو أجلّ منهم قدرا ومثلهم أكثر من عددهم أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيرا جدا، فلما تقاصرت الهمم اقتصروا مما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحدا» (١).
وقال ابن الجزري في النشر:
كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء، وخطئوه في ذلك، وقالوا: «ألا اقتصر على دون العدد أو زاده أو بين مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة».
وقال الضراب في الشافي: «التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة وإنما هو من جمع بعض المتأخرين فانتشر رأيهم أنه لا تجوز الزيادة على ذلك، وذلك لم يقل به أحد» (٢).
(٢) انظر نفس المصدر.