وهذا معيار دقيق في طبيعة العلاقة بين القراءات القرآنية والرسم العثماني، فالمصحف العثماني هو المصحف الذي أجمعت الأمة على قبوله والرسم العثماني هو النص القرآني الثابت، ولا يجوز لأية قراءة أن تخالفه أو تخرج عنه بإضافة كلمة أو نقصانها، ما لم يكن ذلك الاختلاف محصورا في حرف لا يترتب عليه أي تغيير في المعنى كحروف الزوائد.
المعيار الثالث: صحة السند:
يشترط في القراءة القرآنية الصحيحة والمعتمدة والمقبولة أن يكون سندها صحيحا، بنقل العدل الضابط عن مثله، وتكون مشهورة عند القراء الثقات، فإذا لم تكن القراءة صحيحة السند بنقل الثقات فلا تقبل، ولو وافقت الرسم القرآني، واشترط بعض العلماء التواتر في الرواية، فإذا انتفى النقل في القراءة فلا مجال لقبولها، وإن جاءت موافقة لكل من الرسم وقواعد العربية، لأن النقل هو الشرط الأهم في إثبات القراءات...
والأجدر في هذا المجال أن يقال بأن المقياس في قبول القراءات صحة الرواية وهو شرط وحيد ومقياس لا خلاف فيه، ولكي يتم اعتماد هذا النقل لا بد فيه من موافقة تلك القراءة لقواعد العربية والرسم القرآني، واعتبار مقياس النقل هو الأساس يخرجنا من تناقض واضح فيما يتعلق بأهمية المقاييس الثلاثة، ومقياس الرسم هو قرينة لصحة الرواية، ولا يمكن اعتباره كافيا في قبول القراءة...
ونقل السيوطي في الإتقان عن الكواشي قوله:
«كل ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة، ومتى فقد شرط من الثلاثة فهو الشاذ» (١).
وأكد «ابن الجزري» مقاييسه للتفريق بين القراءات الصحيحة والقراءات الشاذة والضعيفة في أول كتابه «النشر»: