السبعة، كل هذه مآخذ للمانعين، وتوسط بعضهم فقال: إن قرأ بها في القراءة الواجبة وهي الفاتحة عند القدرة على غيرها لم تصح صلاته، لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة.... وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل، لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل، لجواز أن يكون ذلك من الحروف التي أنزل عليها القرآن» (١).
المصاحف العثمانية والأحرف السبعة:
اختلف العلماء في مدى اشتمال المصاحف العثمانية على جميع الأحرف السبعة على قولين (٢):
القول الأول: ذهب جماعة من القراء والفقهاء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وبنوا هذا الرأي على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة، وهذا المصحف الذي أجمعت الأمة عليه وعلى ترك ما سواه لا يمكن أن يهمل الأحرف السبعة...
القول الثاني: ذهب جمهور السلف والخلف إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي ﷺ على جبريل.
وعلق ابن الجزري على هذا القول بقوله:
وهذا القول هو الذي يظهر صوابه، لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له، وفي معرض الرد على الإشكال الذي طرحه أصحاب الرأي الأول استشهدوا لكلام الإمام محمد بن جرير الطبري أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة، وإنما كان ذلك جائزا لهم ومرخصا فيه، وقد جعل لهم الاختيار في أي حرف قرءوا به، كما في الأحاديث الصحيحة، فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا

(١) انظر النشر في القراءات العشر، ج ١، ص ١٤ - ١٥.
(٢) انظر النشر في القراءات العشر، ج ١، ص ٣١.


الصفحة التالية
Icon