تلاوته وإتقان لفظه ونطقه..
وهناك مخارج أخرى لم نذكرها، اخترنا بعضها للتقريب والتمثيل، كما أن العلماء قسموا الحروف من حيث أوصافها، فهناك حروف مجهورة وحروف مهموسة وحروف رخوة وحروف شديدة وحروف مستفلة وحروف مستعلية، وحروف صفير وحروف القلقلة.
وعلم التجويد هو العلم الذي يمكّن القارئ من إعطاء الحروف حقها وإنزالها منزلتها من النطق، وإخراجها من مخرجها الصحيح، وتلطيف النطق بالحرف، لكي يأتي النطق مريحا صحيحا من غير تكلف ولا مشقة..
قال ابن الجزري في ذلك:
أول ما يجب على مريد إتقان القرآن تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه، وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه، يعمل لسانه وفمه بالرياضة في ذلك أعمالا يصير له ذلك طبعا وسليقة، فكل حرف شارك عنه في صفاته فإنه لا يمتاز عنه إلا بالمخرج.. وإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته موفّ حقه فليعمل نفسه بإحكامه حالة التركيب لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد، وذلك ظاهر، فكم ممن يحسن الحروف مفردة ولا يحسنها مركبة بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب وقوي وضعيف ومفخم ومرقق فيجذب القوي الضعيف ويغلب المفخم المرقق فيصعب على اللسان النطق بذلك على حقه إلا بالرياضة الشديدة حالة التركيب، فمن أحكم صحة اللفظ حالة التركيب حصل حقيقة التجويد بالإتقان والتركيب» (١).