خصوصيات القرآن، الأسلوبية والتعبيرية والتصويرية والتشريعية والرؤية الشمولية، واعتبر الزركشي أن هذا القول هو قول أهل التحقيق.. فمن الخصوصيات القرآنية الروعة التي يتركها في قلوب السامعين، والخشية التي يشعر بها قارئ القرآن، ومنها جمعه بين صفة الجزالة والعذوبة، ولا تجتمعان غالبا في كلام البشر، لأن جزالة الألفاظ لا توجد إلا بما يشوبها من القوة، والعذوبة تحتاج إلى السلاسة والسهولة، وقد جمع القرآن بين الصفتين، وذلك من أعظم وجوه البلاغة والإعجاز...
وفي موطن الإعجاز لا نملك إلا أن نعتبر الإعجاز القرآني إعجاز تميز وتفوق وسمو وعلو في كل جانب من الجوانب، ولا نهاية لهذا الإعجاز، ولا يحده زمان ولا مكان، ولا يحيط به عقل بشري ولا يمكن إدراك أبعاده ومعرفة خصوصياته.
قال القاضي عياض اليحصبي المتوفى سنة ٥٤٤ هـ في كتابه «الشفا»: اعلم أن القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه:
أولها: حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام.
الثاني: صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب، ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته، وانتهت إليه فواصل كلماته.
الثالث: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيّبات.
الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السابقة.
ثم قال: ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله بحفظه، ومنها أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب» (١).