من هنا بدأ الإعجاز:
إعجاز لفظ معبر مختار وإعجاز معنى عظيم، ويبرز الإعجاز في تلاؤم عجيب بين ذلك النظم والمعنى، بحيث تمتد الأبصار شاخصة مترقبة يقظة، تتابع النظم الدقيق المعجز.
لو رأى العرب كلمة نابية لأمسكوا بها، ولما سمحوا لها بأن تفلت من أيديهم، واحتجوا بها على ما يريدون من الإساءة للقرآن، ولكنهم لم يجدوا في القرآن إلا كل ما يدعوهم للإعجاب به من حيث اللفظ والمعنى، ومن حيث التوافق والتلاؤم.
وقال الجرجاني معبرا عن حسن الملاءمة بين اللفظ والمعنى: «وهل تجد أحدا يقول هذه اللفظة فصيحة إلا وهو يعتبر مكانها في النظم وحسن ملاءمة معناها لمعاني جاراتها وفضل مؤانستها لأخواتها، وهل قالوا لفظة متمكنة ومقبولة وفي خلافه قلقة ونابية ومستكرهة إلا وغرضهم أن يعبروا بالتمكن عن حسن الاتفاق بين هذه وتلك من جهة معناهما وبالقلق والنبو عن سوء التلاؤم» (١).
كتابات أخرى في الإعجاز:
وبالإضافة إلى هؤلاء الأعلام ممن أفردوا للإعجاز مصنفات مستقلة، وتميزوا بما كتبوه عن الإعجاز بمناهج ثابتة، هناك مجموعة أخرى من العلماء كتبوا في الإعجاز، وأبانوا عن وجوه الإعجاز القرآني، وآراؤهم لا تخرج عن آراء أولئك الأولين من رواد مدارس الإعجاز القرآني.
ولا نهاية للإعجاز، ولذلك تصدى المفسرون لبيان أوجه الإعجاز، وعرف الزمخشري بأنه صاحب مدرسة في الإعجاز، وقد أبرز جوانب الإعجاز ومظاهره من خلال تفسيره للقرآن، ويعتبر كتابه «الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل» من أشهر المؤلفات في علم التفسير، وحرص على أن يبرز جوانب الإعجاز من خلال رصده الذكي لكل وجوه الإعجاز، متعقبا كل آية يجد فيها ذلك الإعجاز،

(١) انظر دلائل الإعجاز ص ٣٩ - ٤٠.


الصفحة التالية
Icon