بها، ومن الآيات القرآنية التي يتغير معناها والحكم المستفاد منها عند معرفة سبب نزولها قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: ١١٥]، ولو ترك مدلول اللفظ على إطلاقه لأفاد بجواز الصلاة إلى أية جهة كانت في السفر والحضر، وهو أمر مخالف لما وقع الإجماع عليه، ويتضح المعنى المراد إذا عرف أن هذه الآية نزلت عند ما صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم على راحلته، في رحلته من مكة إلى المدينة.
وهذا لا يعني أن جميع آيات القرآن نزلت بسبب حادثة وقعت أو جوابا عن سؤال، إذ من المؤكد أن بعض الآيات نزلت مقررة لأحكام وموضحة لقضايا، وليست مرتبطة بأي سبب وغايتها تشريع أحكام وبيان معالم العقيدة الإسلامية وإقرار مبادئ الإسلام.
ومثل هذه الآيات لا تحتاج إلى بيان سبب للنزول، وهي كثيرة ولم يتعرض لها علماء التفسير إلا في إطار تفسير معانيها المستفادة، كما تفهم من الدلالة القرآنية.
ويعرف سبب النزول عن طريق النقل الصحيح، ولا مجال للاجتهاد في هذا الموطن، والصحابة هم المؤهلون لمعرفة أسباب النزول، فإذا ورد سبب النزول عن صحابي فيعتد به، لأنه لا يعقل أن يجتهد الصحابي فيه أو يورده من غير سماع أو مشاهدة.
وأحيانا يرد سبب النزول في إطار الربط بين الواقعة ونزول الآية بأداة من أدوات الربط الدال على سبب نزول الآية، من غير تخصيص بالسبب أو توضيح له، مما لا يخفى أمره على العلماء المختصين في هذا العلم.
وإذا تعددت أسباب النزول، ووردت روايتان في بيان السبب، تقدم الرواية الصحيحة وتعتمد، وترجح الرواية الراجحة على المرجوحة، فإذا استوت الروايتان في درجة الصحة، ولا مجال للترجيح يحمل الأمر على تعدد الأسباب،


الصفحة التالية
Icon