أدوات التأكيد المعروفة إذا كان المخاطب منكرا ومترددا في قبول الخطاب، وأحيانا يترك التأكيد إذا قامت قرائن وأدلة واضحة على الحكم، وهذه القرائن كافية لترجيح كفة الإثبات، ومن العبث استعمال أدوات التأكيد كالقسم وحروف التأكيد الأخرى لإثبات ما هو ثابت أو لما قامت الحجة عليه.
وأحيانا يستعمل «التأكيد الصناعي» (١) وهو التأكيد بتكرار اللفظ الأول أو بمرادفه، كما في سورة فاطر وَغَرابِيبُ سُودٌ، وفي سورة المؤمنون هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ، أو التأكيد باستعمال الكلمات الدالة على التأكيد مثل: كل وأجمع وكلا وكلتا، كما في قوله تعالى في سورة الحجر: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ أو تأكيد الفعل بمصدره، كقوله تعالى في سورة النساء: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً، أو التأكيد بالحال كقوله تعالى في سورة البقرة: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، وقوله في سورة مريم وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا، وقوله في سورة البقرة: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ.
وأحيانا يستعمل القرآن «التكرار» (٢)، لتحقيق معان وغايات أهمها تقرير الكلام وتثبيته وتأكيده، وهذا هو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن في حالة تكرار الكلام، وقد جاءت الأحكام والأخبار مكررة في القرآن، لتأكيدها وبيان أهميتها والتذكير بها، وأحيانا يراد بالتكرار التعظيم والتهويل كما في قوله تعالى:
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ، وقوله: الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ.
ولا يمكن حصر أشكال التكرار ولا أهدافه وغاياته، فذلك أمر يتعلق بطبيعة الخطاب القرآني وأسلوبه، من حيث سلامة النظم واستقامته ومن حيث التركيز على بعض ما
يجب التنبيه إليه من عبر ومواعظ في مجال القصص القرآني، وتأكيد المبادئ الأساسية للعقيدة الإسلامية، والاستشهاد بكل ما يؤدي إلى إقناع المخاطب.
(٢) انظر الإتقان، ج ٣، ص ٢٠٠ - ٢٢٤. سورة الزخرف، الآية: ٥١.