وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ [القصص: ٥ - ٦].
ثم تبتدئ القصة:
- وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ.
- فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ.
- وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي.
- إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.
وفي هذه الآية القصة كلها.. إيحاء من الله إلى أم موسى بأن ترضعه، فإذا خافت عليه أمرت بأن تلقيه في اليم، وبشرت في نفس الوقت بأنه سيرد إليها، وأنه سيكون من المرسلين، ولولا تلك البشرى لما استطاعت أن ترميه في اليم، وكيف يمكن لأم أن ترمي وليدها في اليم، وهي تعرف جيدا أنها تلقيه إلى الموت، وبالرغم من البشرى، فقد خافت عليه وحزنت، ومن حقها أن تخاف وتحزن.. فالإنسان محكوم بغرائز وطبائع ومشاعر..
وامتثلت أم موسى للأمر.. وصدقت البشرى.. والتقطه آل فرعون..
وتركت القلوب بأمر الله.. وارتفع صوت امرأة فرعون: لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً.
وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ، ووقفت أم موسى خائفة فزعة تترقب المشهد أمامها.. وتخشى أن يفتضح أمرها، وتتدخل العناية الإلهية إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها..
ويتحقق الوعد الإلهي الأول الذي كان صداه يتردد فوق المكان فيحكم قبضته على الأحداث، وتنصاع القلوب صاغرة لذلك النداء الرباني إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ.
وتقف أم موسى فرحة مستبشرة مطمئنة وهي تتسلم ابنها: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ