يا صاحبي السجن:
- أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً.
- وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ.
وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان.. ومرت هذه الحادثة.. ونسي من هو ناج منهما يوسف، أنساه الشيطان ذكره.
بعد بضع سنين.. في مجلس الملك.. وقد التف صحبه حوله وكان قلقا من منام:
- يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ..
- إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ..
وأطرقت الوجوه حائرة لا تنبس ببنت شفة.. ماذا نجيب.. والملك يلح عليهم وهو قلق: ويكرر: أفتوني في رؤياي.. ويلتفت يمنة ويسرة.. فلا يسمع إلا صوتا هامسا يتردد في الأرجاء..
- أضغاث أحلام.. يا أيها الملك.. وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين..
وفجأة تقدم رجل.. يمشي بخطا ثابتة.. واثقا من نفسه قال باطمئنان:
- أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ..
ونظر الجميع إليه بدهشة.. والكل يتساءل.. من أين لك علم التأويل، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.. قال:
- هناك في السجن يوسف.. أرسلوني إليه.. ما أتانا طعام رزقناه إلا نبأنا بتأويله قبل أن يأتينا.. ذلك مما علمه الله..
ووقف الرجل أمام يوسف خجلا معتذرا، وقد أنساه الشيطان ذكره أمام الملك.. قال بتحبب:
- يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [يوسف: ٤٦].