- يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ..
وأجابهم الأب وقد أحيط به:
- لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ..
فلما فعلوا أوصاهم أبوهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، ووقفوا من جديد بين يدي يوسف، وآوى إليه أخوه، وقال له: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ وجعل السقاية في رحل أخيه، ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون.
وساد صمت رهيب.. أعقبه احتجاج وإنكار، قالوا:
- تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ..
ولما استخرج صواع الملك من وعاء أخيه، عاودهم شعور الكراهية والحسد نحو يوسف.. قالوا:
- إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ..
وفجأة تذكروا موثقهم مع أبيهم، سيشك في صدقهم، وخجلوا من أنفسهم، والتفتوا إلى يوسف، وهو يقهقه في أعماقه، يرى حيرتهم ويتتبع ملامح وجوههم، وهم يرددون:
- يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
ورد عليهم بحزم:
- مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ.
ووقفوا من جديد أمام أبيهم:
- يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ..
واستسلم الأب الصالح لأمر ربه.. والشك يراوده، وأخذت الدموع تسيل