وهناك ما يفيد معنى النصح أو الاعتراف..
والقصة في سورة يوسف غنية بدلالاتها ومعانيها وألفاظها ومفرداتها، والحوار فيها مؤثر ومعبر وبليغ، يتميز بقوة الألفاظ وبجمالها وبقدرتها التعبيرية عن الموقف، حتى أن القارئ يشعر كأنه يعيش الحدث ويتفاعل معه ويتأثر به، وكأنه يراه أمامه نابضا بالحياة..
ويتميز الأنبياء في الحوار بالرفق والنصح والتوجيه وسعة الصدر، لأنهم أصحاب رسالة، ومن الطبيعي أن يكون حوارهم معبرا عن قيم أخلاقية رفيعة وداعيا إلى عبادة الله والاحتكام إليه والاعتماد عليه، وتبرز معجزاتهم الدالة على صدق رسالتهم من خلال ما يمثله الحوار وما يعبر عنه من قدرات خاصة، كتأويل الأحاديث بالنسبة ليوسف، ومعجزات واضحة بالنسبة لموسى..
والحوار في القرآن متعدد الجوانب، فقد يخاطب الإنسان نفسه ويحاورها في نوع من أنواع التعبير عما يجيش في النفس من خواطر، لتفسير بعض المواقف، وأحيانا يجري الحوار بين الله والملائكة أو بين الله والإنسان، كقوله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ [البقرة: ٣٠]، وأحيانا يجري الحوار بين الملائكة والإنسان أو بين الإنسان والشياطين أو بين الإنسان والحيوان.
وغاية الحوار في كل ذلك تقريب الأفكار وتوضيح المعاني وإغناء السامع بالحجة وتمكينه من الوصول إلى الحقيقة، والإجابة عن طريق الحوار إلى ما يجول في ذهنه من تساؤلات وشكوك، ويتضمن الحوار في معظم الأحيان ما يراد أن يصل إلى السامع من إقرار مبادئ الإيمان، ومن انتصار الخير على الشر، ومن الاعتراف بنعمة الله وشكره والتخويف من عذابه..
خصائص الحوار في القصة القرآنية:
وأهم ما يتميز به الحوار في القصة القرآنية ما يلي:
أولا: الإقناع العقلي، وهذه هي خصوصية الحوار، فالحوار وسيلة للإقناع،