السخاوي، إلا أن تلك التهم لا يمكن أن تقلل من مكانته العلمية وقدرته على التأليف، وهناك كتب عظيمة لا يمكن أن يشك في نسبتها إليه، وهي كافية للتدليل على موهبته وكفاءته وعلمه، واشتهر بالزهد والتقى والصلاح، وتوفي سنة ٩١١ هـ بالقاهرة (١).
وشرح في مقدمة كتابه الإتقان الأسباب التي دفعته لتأليف هذا الكتاب، وإنه أراد أن يضع كتابا جامعا شاملا سماه «التحبير في علوم التفسير» وذكر أبواب هذا الكتاب في مقدمته، وهي أكثر من مائة باب، ثم خطر له أن يؤلف كتابا مبسوطا ومجموعا مضبوطا يسلك فيه طريق الإحصاء، ويمشي فيه على طريق الاستقصاء، وكان يظن أنه متفرد بذلك غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك، وبينما هو يجيل في ذلك فكره، بلغه أن الإمام بدر الدين الزركشي ألف كتابا في ذلك سماه «البرهان» (٢).
وقال في وصف ذلك:
ولما وقفت على هذا الكتاب ازددت به سرورا، وحمدت الله كثيرا، وقوي العزم على إبراز ما أضمرته، وشددت الحزم في إنشاء التصنيف الذي قصدته، فوضعت هذا الكتاب العلي الشأن، الجلي البرهان، الكثير الفوائد والإتقان، ورتبت أنواعه ترتيبا أنسب من ترتيب البرهان، وأدمجت بعض الأنواع في بعض، وفصلت ما حقه أن يبان، وزدته على ما فيه من الفوائد والفرائد، والقواعد والشوارد، ما يشغف الآذان، وسميته بالإتقان في علوم القرآن، وسترى في كل نوع منه إن شاء الله تعالى ما يصلح أن يكون بالتصنيف مفردا، وستروى من مناهله العذبة ريا ولا ظمأ بعده أبدا، وقد جعلته مقدمة للتفسير الكبير الذي شرعت فيه، وسميته بمجمع البحرين ومطلع البدرين «الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية» (٣).
(٢) انظر مقدمة السيوطي في كتابه الإتقان، ج ١، ص ١٠.
(٣) انظر مقدمة الإتقان للسيوطي، ج ١، ص ١٤.