وكيف يمكن لمترجم أن يعبر عن الألفاظ المتشابهة الدالة على معان متعددة، وأي المعاني هي الأولى والأقرب...
وإذا ثبت من الناحية الواقعية استحالة ترجمة القرآن إلى أية لغة أخرى وجب علينا القول بأن أية ترجمة للقرآن لا تعتبر قرآنا، لأن هذه الترجمات لا تخلو أولا من أغلاط في الترجمة، وثانيا لا يمكن توحيدها، لأن تفسير المترجمين للألفاظ القرآنية ليس واحدا، وإذا أمكن توحيد تفسير تلك الألفاظ، فإن من الصعب اختيار الكلمات المعبرة والدالة على تلك المعاني.
وهنا نجد أنفسنا أمام حقائق أساسية:
أولا: ترجمة القرآن غير ممكنة، من الناحية اللغوية، لتعدد المعاني المحتملة للألفاظ، وهذا أمر لا مجال لإنكاره، ومن اليسير أن يدرك حقيقته كل من كابد مهمة الترجمة ووقف أمام الألفاظ حائرا مترددا لا يدري بأي المعاني يأخذ، وأي الألفاظ يختار.
ثانيا: كل ترجمة للقرآن لا يمكن أن تكون قرآنا، وإذا انتفت قرآنية النص المترجم انتفت معه كل خصوصيات النص القرآني المتعبد بتلاوته، ولا خيار لنا في هذه الحالة إلا أن ننظر للقرآن المترجم نظرتنا إلى كتب التفسير المختصرة من حيث هي مصادر للتوضيح والبيان، تيسر المعاني وتقربها إلى القراء، وتساعد على معرفة القرآن.
ثالثا: لو جازت ترجمة القرآن إلى اللغات الأخرى، واعتبر النص المترجم قرآنا لتعددت نصوص القرآن وتكاثرت لغاته وتباينت معانيه، وضعف الاهتمام بالنص الأصلي المعجز الذي لا يأتيه الباطل، وفي هذا فتنة لا مجال لحصرها، وإذا أمكن التحكم في مسار القرآن المترجم على المدى القصير، فإن من الصعب التحكم في ذلك على المدى
البعيد، وربما أصبحت النصوص المترجمة نصوصا أصلية تفسر ويترجم منها ويحتج بها، مما يؤدي إلى خطر محقق، وبخاصة إذا وقع التنافس بين الشعوب الإسلامية، واحتجت كل أمة بقرآنها الذي احتضنته