القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها» (١).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت» (٢).
إن القرآن الكريم ليس كأي محفوظ آخر، فهو سريع الهروب من الذهن بخلاف الشعر، والحكمة في ذلك أن يظل الحافظ للقرآن مرتبطا به لا يفارقه، فإذا فارقه نسيه، وقد حفظت متونا: شعرا ونثرا فأمسكها ذهني زمنا دون مراجعة، بخلاف القرآن الكريم الذي يحتاج إلى التعهد الدائم ليظل الحافظ مرتبطا بكتاب الله تعالى.
١٣ - اغتنام سنوات الحفظ:
إن مراحل عمر الإنسان تتفاوت في تحصيل وحفظ العلوم وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في حديث الاغتنام «اغتنم خمسا قبل خمس» فذكر منها:
«شبابك قبل هرمك».
لذلك حرص الصحابة على تحفيظ أولادهم القرآن الكريم في سنيهم المبكرة، كما أننا نجد كثيرا من الأئمة الأعلام قد حفظوا القرآن كاملا دون سن العاشرة؛ فحفظ الإمام الشافعي وهو ابن سبع، وحفظ الإمام أحمد بن حنبل في تمام العاشرة.
ولما أدركت الجاحظ الشيخوخة كان ينشد هذين البيتين متحسرا متألما:
أترجو أن تكون وأنت شيخ | كما قد كنت أيام الشباب؟ |
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب | دريس كالجديد من الثياب |
(٢) متفق عليه.