ليكافحوا عن لغة القرآن، ويدافعوا عن نصوصه ضد الآراء الفاسدة، والأفكار المنحرفة لعم الجهل بكتاب الله وكثر الفساد في مجال تفسيره وتأويله.
ونترك ابن الأثير ليعطينا رأيه حول هذه الفرق التي تسبح في بحار القرآن من دون أن تعد للأمر عدّته، فأوشكت على الغرق، وأشرقت على الهلاك يقول رحمة الله: بعد أن تحدّث عن عصر الصحابة:
«جاء التابعون لهم بإحسان فسلكوا سبيلهم، لكنهم قلوا في الإتقان عددا، واقتفوا هديهم، وإن كانوا مدّوا في البيان يدا، فما انقضى زمانهم على إحسانهم إلّا واللسان العربيّ قد استحال أعجميا أو كاد، فلا ترى المستقل به، والمحافظ عليه إلا الآحاد.
هذا، والعصر ذلك العصر القديم، والعهد ذلك العهد الكريم، فجهل الناس من هذا المهمّ ما كان يلزمهم معرفته، وأخروا منه ما كان يجب عليهم تقدمته، واتخذوه وراءهم ظهريا، فصار نسيا منسيا، والمشتغل به عندهم بعيدا قصيا.
[فلما أعضل الداء، وعز الدواء ألهم الله عز وجل جماعة من أولى المعارف والنّهى، وذوي البصائر والحجى أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم، وجانبا من رعايتهم فشرعوا فيه للناس مواردا، ومهّدوا فيه لهم معاهدا، حراسة لهذا العلم الشريف من الضياع، وحفاظا لهذا المهم العزيز من الاختلال.] (١)
******* انتهي والله الموفق

(١) مقدمة النهاية: ٥.


الصفحة التالية
Icon