كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١) نظيرها في تنزيل السجّدة حيث يقول: «أو لم يهد لهم» يعني: أو لم يبيّن لهم: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢) ونحوه كثير.
ففي هذا الوجه الأول يفسّر الهدى بمعنى البيان، ويستدلّ على هذا المعنى في مواطن أخرى من كتاب الله حيث نجد تفسير الهدى بمعنى البيان لا يكتنفه غموض، لأن تكملة الآية من بعده تلقى الضوء كاشفا على أنه بمعنى البيان.
وفي الوقت نفسه نجد التنويع في العبارة، مما يدل على أنه يملك ناصية اللغة، وقدرة التعبير بها، فمرّة يقول: «تصديق ذلك» ومرة يقول: ونظيرها، وثالثة يقول: كقوله.
ولم يدّع أنه أحاط بكل ما وردت فيه كلمة «هدى» بمعنى البيان، وإنما يختم ذلك بقوله: ونحوه كثير.
والوجه الثاني: «الهدى» يعني دين الإسلام.
فذلك قوله في الحج: إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٣)، وهو الإسلام نظيرها في البقرة: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى (٤) يعني دين الإسلام هو الدّين،
(٢) السّجدة: ٢٦.
(٣) الحج: ٦٧.
(٤) البقرة: ١٢٠.