لضبطه وحذقه ولشبابه، حيث كان زيد وقتها في الثانية والعشرين من عمره، كما كان زيد أكتب الناس.
قال له الصديق: إنك رجل شاب عاقل لانتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتتبع القرآن واجمعه...
يقول زيد: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال.
يتبين لنا من تتبع الروايات والأقاويل أن القرآن لم يك مكتوبا بين دفتي مصحف زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإلا لو كان ذلك متحققا، لم ندب الصديق زيدا لجمع القرآن وضبط نصه؟ مما دل دلالة قاطعة أن الصديق أراد جمع الصحف في مصحف واحد.
منهج زيد في جمع القرآن
: لقد اتبع زيد ومن معه في جمعه هذا المنهج العلمي السديد في ضبط النصوص وتمحيصها:
١ - دعي كل من تلقى من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا من القرآن ليعرضه على لجنة ضبط القرآن التي كان يرأسها زيد بن ثابت.
٢ - كان يقابل المحفوظ عند الصحابة بالمكتوب في الصحف التي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مما أسس من بعد لعلماء القراءة أن يشترطوا للقراءة المقبولة السماع والمشافهة مع المطابقة للرسم العثماني.
والقرآن نفسه قد أشار إلى علاقة المقروء المتلو بالألسن بالمكتوب في الصحف، فمن أسماء القرآن أيضا الكتاب، ومن ثم فلا قيمة لمكتوب من دون تواتر سماعه، ولا لمسموع ما لم يسجل في تلك الصحف الأولى.
٣ - كما احتاطت اللجنة احتياطا بالغا، فلم تركن إلى المقابلة بين المحفوظ والمكتوب فحسب، بل لم تقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان على أن هذا المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن وفق العرضة الأخيرة.
وهذا الاحتياط في الإشهاد كان بإشارة من الصديق حيث قال لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه.
٤ - وبعد الإشهاد والاستيثاق تكتب الآيات والسور على الترتيب والضبط المتلقى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فكتب القرآن في صحف ثم ضمت في مصحف واحد بلغ الكمال المطلق بمطابقته المطلقة للنص المنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبقي هذا المصحف عند أبي بكر رضي الله