وقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، فتنزل السورة على محمد صلّى الله عليه وسلّم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها ولا ما ينبغى أن يقف عنده، ينثره نثر الدقل.. ».
إن وقوف القارئ على تعامل الصحابة مع القرآن، واعتناءه بالمعانى والإيحاءات التى حصّلوها من الحياة فى ظلال القرآن، يعرّفه كيف تقبل القلوب الطاهرة على القرآن وتتفاعل به، فيسعى ليكون واحدا من هؤلاء.
والنماذج فى هذا كثيرة، والأمثلة عليه وافرة، نقتطف منها ما يلى:
روى مسلم وأبو داود عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يصلى نحو بيت المقدس، فنزلت: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٤٤] فمر رجل من بنى سلمة وهم ركوع فى صلاة الفجر، قد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم ركوعا إلى الكعبة».
فهذه الرواية تدلنا على نظرة الصحابة للتوجهات والتكاليف الربانية، وعلى قلوبهم المتبوئة للإيمان وهى تتفاعل معها، وعلى الاستجابة الفورية فى التنفيذ والالتزام.
وأخرج البخارى والترمذى والنسائى وأبو داود- والرواية لأبى داود- عن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال: كنت إلى جنب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذى،


الصفحة التالية
Icon