أو قرن، فإنه سيقيدها وسيفرغها من معانيها، ويقزمها عن دلالاتها، ويحرمها من أداء أهدافها، وكأنه يجعلها سجينة فهم، أو أسيرة وضع، أو رهينة قوم، وبهذا تذوى هذه النصوص وتموت.. وتتحول إلى عبارات فارغة، تتحدث عن فترة من التاريخ سابقة لأمة من الناس ماضية..
لا يجوز لقارئ مسلم أن يميت نصوص القرآن بين يديه، ولكنه يفسح لها الطريق لتعيش حياتها وتؤدى رسالتها، وتؤثر فى الإنسانية جمعاء، وتنشر عليهم من فيوضاتها وأنوارها.. كل جيل من أجيال المسلمين كان يجد فى نصوص القرآن حديثا لواقعه وإصلاحا لحياته، وكأنها تنزلت اللحظة عليهم، وكل مفسر من المفسرين كان ينطلق من نصوص القرآن لتربية قومه وإصلاح أمورهم.. وكل تفسير من تفاسير القرآن يمكن أن تستخرج منه الحالة الثقافية والمستوى الحضارى، والوضع الأخلاقى والاجتماعى والإيمانى والسلوكى للعصر الذى عاش فيه المفسر، وكان هذا التفسير سجلا حضاريا تاريخيا وثائقيا لحالة ذلك العصر.. وما هذا إلّا لأن نصوص القرآن منطبقة على زمان المفسر ومكانه، وموجهة للناس من حوله..
ولهذا كم كان أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ألمعيا وبصيرا وصادقا، عند ما وصف القرآن وصفا تنطبق عليه هذه القاعدة فقال عنه: «إنه لا تشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضى عجائبه.. ».
ونحن لا ننكر أن بعض الناظرين فى القرآن من السابقين أخطئوا فى تعاملهم معه، فقصروا بعض نصوصه على أناس من السابقين، وقيدوا بعضها بحالات ماضية، وقزموا هذه النصوص وفرغوها من كثير من معانيها، وحجبوا عن القراء الكثير من دلالاتها.. قوله تعالى- مثلا- عن