الأصوات إلى الأذن، ولكنه قد يكون سماعا عرضيا غير مقصود.. أما الاستماع فهو مشاركة الحواس والأجهزة المختلفة فى المسلم للأذن، فى التفاعل والتدبر والتلقى والانفعال. قال تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) [الأعراف: ٢٠٤].
وبيّن أثر القرآن على الجبال الجوامد- لو خاطبها به- وتفاعلها معه، وأبرز مظاهر التأثير والانفعال عليها فقال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) [الحشر: ٢١] وقال: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد: ٣١].
ولقد أمرنا الله بتدبر القرآن، والوقوف طويلا أمام آياته، وملاحظة إيحاءاتها وتوجيهاتها ومعانيها وحقائقها، ووضع أيدينا على العلة التى تحول بيننا وبين هذا التدبر، والداء الذى يعوقنا عن القيام به، وذلك حتى نقضى على تلك العلة، ونزيل ذلك الداء، وهو الأقفال على القلوب، التى توصدها أمام النور والهدى والخير والحياة، وهذه الأقفال هى الشهوات والمعاصى والإقبال على الدنيا، وملء القلب من كل ذلك، بحيث لا يبقى فيه متسعا لتدبر أو هدى أو إيمان.. فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) [محمد: ٢٤].
وأرشد الله إلى أن نجعل التدبر وسيلة لا غاية، ولا نقعد عنده ونتشاغل به عن الهدف المنشود، وهو زيادة الإيمان والثقة واليقين بكلام الله، وملاحظة تناسقه وتناسبه وإدراك مهمته وأغراضه، وتلقّى حقائقه ومقرراته.. فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) [النساء: ٨٢].


الصفحة التالية
Icon