التبيان القرآنى عاما للناس جميعا، وخصصت ما فيه من رحمة وهدى وبشرى للمسلمين فقط، لأن هذه الثلاثة مرتبطة بالإيمان الإسلامى ومبنية عليه، ولا توجد عند فقده.
ويطالب الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأن يقوم بهذا التبيان والبلاغ والإنذار للناس، وأن لا يدع للحرج أو الضيق مجالا ينفذ منه إلى صدره، لأنه يعوقه عن أداء هذا الواجب، فلا حرج فيه وإن خالف ما عليه الناس، وإن فاجأهم بما لا يتوقعونه!! ولماذا يتحرج الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو لا يتلقى الحقائق والقيم والأعراف والموازين والمبادئ والتوجيهات من الناس، إنما يتلقى كل ذلك من رب الناس، ويكفيه أن الله يشهد له، ويكون معه، وينصره ويثبته، ويأجره على فعله.. قال تعالى: المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) [الأعراف: ١ - ٢].
ويخبر الله سبحانه رسوله عليه الصلاة والسلام، بوظيفة هذا الكتاب المنزل عليه، الوظيفة التى تجعل له وجودا ومهمة، والتى تبرز من خلالها الحياة فيه، وتظهر آثاره، وتجنى ثماره، تلك هى الحكم بين الناس بالحق.. قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ [النساء: ١٠٥].
هذا وبيّن لنا الله الوسيلة التى تضمن لهذا الكتاب الحق أن يحقق وجوده عمليا، وأن يحق الحق ويبطل الباطل، وأن يقود الناس إلى الحق، تلك الوسيلة هى القوة المادية التى تحرسه وتحميه، والتى تهيّئ له الناصر البشرى الذى يطبقه وينفذ أحكامه، وبدون هذه القوة يبقى حقا نظريا مقيدا عن العمل فى الواقع، ويتحول إلى حق مضيع، يعدو عليه كل جبان، وينتقصه كل ضعيف، ويعوى عليه كل نابح!!. قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ


الصفحة التالية
Icon