وهذه البصائر القرآنية الهادية، تستقبلها القلوب المؤمنة، وتفتح لها منافذها وأصداءها، فتزداد أيمانا وهدى واستقامة ويقينا، بينما القلوب القاسية الكافرة الغليظة توصد منافذها أمام هذه البصائر، وتحكم إقفالها دونها، وتبالغ فى وضع الأقفال عليها، وأنى لها أن تهتدى بها، إنها تزيد هذه القلوب الكافرة كفرا ورجسا وظلاما وعمى. قال تعالى: وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥) [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥].
ونختم هذه السمات والأسماء والأوصاف والآثار والنتائج بهذه الآيات التى توضح طبيعة القرآن أولا، والحياة الناتجة عنه ثانيا، وتفاعل المؤمنين به عند ما يسمعونه، وانفعال قلوبهم المؤمنة المبصرة الهينة اللينة به، والآثار المترتبة على ذلك، والتى تبرز على الجوارح والجلود، ثم النتيجة لهذا كله وهى الهدى الربانى، الذى يعتبر ثمرة مباركة يانعة للشجرة القرآنية الخالدة. قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) [الزمر:
٢١ - ٢٣].