كل جيل.. ينبغى أن نستحضر فى تصورنا كينونة الجماعة المسلمة الأولى التى خوطبت بهذا القرآن أول مرة، كينونتها وهى تتحرك فى واقع الحياة..
.. إننا بهذه النظرة سنرى القرآن حيا يعمل فى حياة الجماعة المسلمة الأولى. ويملك أن يعمل فى حياتنا نحن أيضا. وسنحس أنه معنا اليوم وغدا. وأنه ليس مجرد تراتيل مهوّمة بعيدة عن واقعنا المحدد.. » [الظلال: ١/ ٣٤٨ - ٣٤٩ باختصار].
ويدلنا على طريق التعامل مع القرآن وفهم نصوصه بقوله: «إن النصوص القرآنية لا تدرك حق إدراكها بالتعامل مع مدلولاتها البيانية واللغوية فحسب.. إنما تدرك أولا وقبل كل شيء بالحياة فى جوها التاريخى الحركى، وفى واقعيتها الإيجابية، وتعاملها مع الواقع الحى..
وهى لا تتكشف عن هذا المدى البعيد إلّا فى ضوء ذلك الواقع التاريخي..
ثم يبقى لها إيحاؤها الدائم، وفاعليتها المستمرة، ولكن بالنسبة للذين يتحركون بهذا الدين وحدهم، ويزاولون منه شبه ما كان يزاوله الذين تنزلت هذه النصوص عليهم أول مرة، ويواجهون من الظروف والأحوال شبه ما كان أولئك يواجهون. ولن تتكشف أسرار هذا القرآن قط للقاعدين، الذين يعالجون نصوصه فى ضوء مدلولاتها اللغوية والبيانية فحسب.. وهم قاعدون»
[الظلال: ٣/ ١٤٥٣ باختصار].
إن القرآن له طبيعة حركية وله مهمة واقعية حية متحركة، ونتيجة لهذا لن يتذوق هذا القرآن ولن يحسن التعامل معه إلّا من يتحرك به فعلا فى عالم الواقع.. يقول: «إن هذا القرآن لا يتذوقه إلّا من يخوض مثل هذه المعركة، ويواجه مثل تلك المواقف التى تنزل فيها ليواجهها ويوجهها.
والذين يلتمسون معانى القرآن ودلالاته وهم قاعدون. يدرسونه دراسة بيانية أو فنية لا يملكون أن يجدوا من حقيقته شيئا فى هذه القعدة الباردة


الصفحة التالية
Icon