بهذه الحكمة القرآنية عمل القرآن ما عمل فى حياة الصحابة، وبهذه المهمة العملية الحركية أخرج الصحابة إخراجا من العدم إلى القيادة، ومن الموت إلى الحياة، وبهذه السمة «الواقعية الحركية» كان القرآن حاضرا هناك وعاملا حيا، وموجها رائدا.. أدرك الصحابة الكرام- الجيل القرآنى الفريد- هذه السمة، والتفتوا إلى هذه الحكمة، ولاحظوا هذه المهمة، فصنعوا الأعاجيب فى حياة البشرية..
ولا بد أن نلاحظ نحن هذه المهمة القرآنية فى حياتنا وواقعنا، وأن نتفاعل مع الحكمة القرآنية، وأن نتدبر الواقعية الحركية فيه، حتى نحسن الأخذ عنه والحركة به..
وحتى ننجح بهذا لا بدّ من ردم الحاجز السميك بين قلوبنا وبين القرآن، وإزالة الفجوة العميقة بيننا وبين القرآن، وتطهير القلوب مما علق بها من غشاوات وأكنة وتلبيسات وشهوات، حالت بينها وبين أنوار القرآن.. لا بدّ أن نخطو نحن نحو القرآن، وأن ندخل فى عالمه الرحيب، ندخل فيه بكامل كياننا الإنسانى، ونتلقى عنه بكافة أجهزة التلقي والاستجابة فينا، ونقف منه على مهمته العملية الحركية الواقعية، ونلحظها فى كل سوره وآياته وعندها سنرى القرآن حيا فاعلا، وحكيما موجها، وقائدا مربيا، وسيخرجنا بإذن الله إخراجا مباركا، وينشئنا تنشئة رائدة، ويوصلنا إلى مركز القيادة والريادة والأستاذية للإنسانية.
كل آيات القرآن توحى بمهمته العملية الحركية، وتشير إلى واقعيته الحركية الجدية، وتنبض بمظاهر الحياة والحيوية فيه.. من ذلك قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: ١١٠].
فالأمة الإسلامية أخرجت للناس إخراجا من العدم، انبثقت من بين