وليتهم طلبوا هذا من مصادر موثوقة قد تعطيهم علما ويقينا فى هذا، ولكنهم طلبوا هذا من مصادر محرفة كاذبة، واستفتوا أناسا كافرين ظالمين محرفين لدينهم.. اتجهوا إلى بنى إسرائيل يسألونهم عن ذلك، وأقبلوا على الإسرائيليات، يزيدون منها علمهم وثقافتهم، ويملئون منها تفاسيرهم وأبحاثهم ودراساتهم، ويحددون بهذا الهراء والادعاء نصوص القرآن، ويفسرون بهذه الأساطير آيات القرآن، ويبينون بهذه الخرافات مبهمات القرآن، ويتقولون بهذا على السابقين ما لم يقولوه، وينسبون لهم ما لم يفعلوه..
ونسى هؤلاء توجيهات القرآن فى عدم البحث فيما لا دليل عليه، كأحداث الماضين التى هى من أنباء الغيب، وأن لا يسأل فيها من لا علم عنده، وأن لا يقفو المسلم ما ليس له به علم، ولا يتبع ما لا دليل عليه، لأنه يسأل عنه يوم القيامة وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (٣٦) [الإسراء: ٣٦]، ونسوا نهى القرآن المباشر للمسلمين أن يأخذوا فى قصص السابقين عن أهل الكتاب، وأن لا يستفتوهم فى شيء منها، وذلك قوله- أثناء الحديث عن عدد أصحاب الكهف- قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢) [الكهف: ٢٢]، ونسوا نفى القرآن الصريح العلم عن البشر فى كثير من أحداث التاريخ الماضية، وتقريره عن حلقات فى ذلك التاريخ لا يعلمها أحد من البشر وإنما يعلمها الله، وذلك فى قوله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم: ٩]، ونسوا دعوة القرآن إلى التثبت فى أنباء الفاسقين، فكيف فى أنباء الكافرين الكاذبين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: ٦].