بوصل آخر السورة بأول التالية من غير بسملة بينهما، وفي قوله: فصاحة؛ إشارة إلى حكمة هذا الوصل، وهي أن فيه بيان إعراب آخر السورة كآخر التوبة مع أول يونس، وبيان همزة الوصل كآخر العاديات مع أول القارعة. وهمزة القطع كآخر القارعة مع أول أَلْهاكُمُ. وسكت خلف على مثل: فَحَدِّثْ آخر والضحى، لا
يخرجه عن كونه وصلا؛ فإنه لا يفعل ذلك إلا في حال الوصل؛ ولأنه في هذه الحال يعتبر واصلا آخر والضحى بأول الشرح من غير بسملة بينهما، والواو في قوله: واسكتن، بمعنى أو خيّر الناظم القارئ بين الوصل والسكت بين كل سورتين لمن رمز لهم بالكاف، والجيم، والحاء وهم: ابن عامر، وورش، وأبو عمرو، فيكون لكل واحد منهم بين كل سورتين وجهان:
الوصل كحمزة، والسكت: بدون بسملة. والسكت هو الوقف على آخر السورة وقفة لطيفة من غير تنفس كسكت حمزة على الهمز.
والمعنى: كل جلاياه حصلا أن كل واحد من القراء الثلاثة: ابن عامر، وورش، وأبي عمرو، حصل جلايا ما ذهب إليه وصوبه، وينبغي أن يعلم أنه لا بدّ من الإتيان بالبسملة لجميع القراء بين آخر سورة الناس وأول سورة الفاتحة. فإن الفاتحة وإن وصلت لفظا فهي مبتدأ بها حكما إذ ليس قبلها شيء حقيقة.
١٠٢ - ولا نصّ كلّا حبّ وجه ذكرته | وفيها خلاف جيده واضح الطّلا |
و (الطلى): جمع طلية وهي صفحة العنق.
والمعنى: لم يرد نص عن ابن عامر، وورش، وأبي عمرو بوصل ولا بسكت، وإنما التخير بين هذين الوجهين لهم اختيار من أهل الأداء، واستحباب من شيوخ الإقراء، وهذا معنى قوله: حب وجه ذكرته، و (كلا) حرف ردع وزجر كما سبق، وكأن الناظم يزجر من يعتقد ورود النص عن أحد منهم بوصل أو سكت، وقوله: وفيها خلاف جيده واضح الطلى، معناه: أن في البسملة خلافا عن هؤلاء الثلاثة مشهورا عند علماء هذه الصناعة.
والخلاصة: أن الخلاف في البسملة وارد عن هؤلاء الثلاثة، فإذا قلنا: إنهم يبسملون وأخذنا لهم بالبسملة فالأمر ظاهر، وإن قلنا: إنهم لا يبسملون فهل