عنه الوصل في غيرهن وهم المذكورون وحمزة، فإذا كنت تقرأ لورش، أو أبي عمرو، أو ابن عامر بالسكت بين السور ووصلت للسور المذكورة؛ استحب لك- عند هذا البعض- أن تفصل بينهن بالبسملة. وإن كنت تقرأ لأحدهم أو لحمزة بالوصل بين السور؛ استحب لك- عند هذا البعض- أن تسكت بينهن. وقوله: فافهمه وليس مخذلا، معناه: فافهم هذا المذهب الذي يفرق بين هذه السور وبين غيرها من سور القرآن، وليس هذا المذهب ضعيفا متروك العون والنصرة، بل هو مذهب مؤيد منصور. ولكن مع هذا فالمحققون من العلماء على عدم التفرقة بين هذه السور وبين غيرها، وهو المذهب الصحيح المختار الذي عليه العمل في سائر الأمصار، فإن قلت: من أين يعلم أن اختيار البسملة بين السورة المذكورة في مذهب هذا البعض إنما يكون حال السكت في غيرها؟ قلت: يعلم ذلك من اختيار السكت بين هذه السور حال الوصل في غيرها. فإن قلت: من أين يعلم اختيار السكت بين هذه السور حال الوصل في غيرها لورش وأبي عمرو وابن عامر والناظم لم ينص إلا على اختيار السكت فيها لحمزة؟ قلت:
يعلم ذلك من قوله: وهو فيهن ساكت لحمزة؛ فإن المراد به: وهو فيهن ساكت لكل من وصل في غيرها، وإنما خص حمزة بالذكر؛ لأنه الأصل في الوصل بين السور.
١٠٥ - ومهما تصلها أو بدأت براءة | لتنزيلها بالسّيف لست مبسملا |
المعنى: إذا وصلت براءة بالسورة قبلها وهي الأنفال، أو ابتدأت بها القراءة فلا تبسمل في أولها لأحد من القراء، سواء كان مذهبه بين السورتين البسملة أو السكت أو الوصل.
ثم علل الناظم ترك البسملة في أول براءة بأنها نزلت مشتملة على السيف، وكنى بذلك عما انطوت عليه سورة براءة من الأمر بالقتل والأخذ والحصر ونبذ العهد والوعيد والتهديد وفيها آية السيف، وقد نقل العلماء هذا التعليل عن عليّ رضي الله عنه. قال ابن عباس: سألت عليّا رضي الله عنه: لم لم تكتب البسملة في أول براءة؟ فقال: لأن بسم الله أمان، وبراءة ليس فيها أمان؛ لأنها نزلت بالسيف ولا تناسب بين الأمان والسيف.