وقع ذلك في خمسة مواضع: موضع بآل عمران، وموضعين بالمائدة،
وموضع بالفتح وموضع بالعنكبوت. أما الذي في البقرة: فإن السوسي يقرؤه بسكون الباء فيدغمه، وإدغامه حينئذ يكون من باب الإدغام الصغير. وفهم من تخصيص إدغام باء يُعَذِّبُ* في ميم مَنْ يَشاءُ* أن الباء لا تدغم في ميم أخرى نحو: أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا، سَنَكْتُبُ ما قالُوا، ضُرِبَ مَثَلٌ. ولما تمم الكلام على الحروف الستة عشر التي تدغم في غيرها، وبيّن شرط إدغام كل منها ختم بقوله: (فادر الأصول): أي اعرف ما ذكرته لك من القواعد (لتأصلا)؛ لتكون أصلا ومرجعا يرجع إليه في معرفة هذا الفن.
١٥٤ - ولا يمنع الإدغام إذ هو عارض | إمالة كالأبرار والنّار أثقلا |
المعنى: لما فرغ الناظم من بيان الحروف التي تدغم في غيرها في باب المتقاربين، ذكر بعد ذلك ثلاث قواعد تتعلق بالإدغام الكبير، سواء كان من باب المثلين أو المتقاربين، وقد تضمن هذا البيت القاعدة الأولى، وحاصلها: أن الحرف الذي يدغم إذا كان مكسورا وكان قبله ألف ممالة بسبب كسر هذا الحرف، فإدغام هذا الحرف المكسور لا يمنع من إمالة الألف قبله نظرا لعروض هذا الإدغام، فكأن الكسر موجود نحو: وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا، إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنا. فإن الألف في الْأَبْرارِ* والنَّارَ* تمال بسبب كسر الراء فإذا أدغمت الراء وهي لا تدغم إلا بعد تسكينها، فإن موجب الإمالة في هذه الحال يزول. فحينئذ لا تمال الألف ولكن لما كان هذا الإدغام عارضا؛ فإنه لا يمنع إمالة الألف فكأن موجب الإمالة وهو كسر الراء الذي ذهب بالإدغام متحقق موجود. وقوله: (أثقلا): حال من الإدغام، والمراد بكون الإدغام أثقل أنه مشدد لا أنه أثقل من الإظهار، والمراد بالإدغام في البيت الإدغام الصريح. وإذا كان الإدغام الصريح لا يمنع الإمالة فأولى ألا يمنعها الرّوم.
١٥٥ - وأشمم ورم في غير باء وميمها | مع الباء أو ميم وكن متأمّلا |
المعنى: هذه هي القاعدة الثانية والأمران محمولان على التخيير دون الإيجاب يقول: إذا أدغمت حرفا في حرف مماثل له أو مقارب فأشمم حركة الحرف الأول المدغم إن كانت ضمة. ورمها إن كانت ضمة أو كسرة إلا في أربع صور يمتنع فيها الإشارة بالإشمام