وقال الحافظ ابن الجزري نقلا عن الإمام الداني: «والوجه الثاني من معناها أن يكون سمى القراءات أحرفا على طريق السّعة، كعادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه، وما قاربه وجاوره،... وكلا الوجهين محتمل، إلا أن الأول محتمل احتمالا قويا في قوله صلّى الله عليه وسلم: «سبعة أحرف»، أي: سبعة أوجه وأنحاء.
والثاني محتمل احتمالا قويا في قول عمر رضي الله عنه في الحديث: «سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أي على قراءات كثيرة» (١).
وسيكون عرض هذا الموضوع ضمن النقاط التالية:
أولا: إيراد أهم روايات الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة.
ثانيا: أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة، ومناقشتها، مع بيان الرأي الراجح.
ثالثا: التمثيل للأحرف السبعة بأمثلة تبين معناها، وذلك على النحو التالي:
أولا: بعض الأحاديث الواردة في أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف:
لقد تواترت الروايات الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف عند المحدثين (٢) وقد نصّ الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام على أن هذا الحديث تواتر عن النبي صلّى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن الجزري: «وقد تتبعت طرق هذا الحديث في جزء مفرد جمعته في ذلك، فرويناه من حديث عمر بن الخطاب، وهشام بن حكيم بن حزام، وعبد الرحمن ابن عوف، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وحذيفة بن اليمان، وأبي بكرة، وعمرو بن العاص، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وعمر بن أبي سلمة، وأبي جهم، وأم أيوب الأنصارية رضي الله عنهم (٣) وهذه بعض الروايات:
(٢) أشار إلى هذا التواتر، ونقل جملة من الأحاديث الواردة في موضوع الأحرف السبعة، الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، في بحثه: حديث الأحرف السبعة، دراسة لإسناده ومتنه، واختلاف العلماء في معناه، وصلته بالقراءات القرآنية، ص ٢٧.
(٣) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (١: ٢١).