٤ - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكدت أن أساوره في الصلاة (١)، فانتظرته حتى سلّم، ثم لبّبته بردائه (٢)، فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قلت له: كذبت، فو الله إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام، فقرأ هذه القراءة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه» (٣).
٥ - عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، قال: سمع عمرو بن العاص رجلا يقرأ آية من القرآن، فقال: من أقرأكها، قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: فقد أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم على غير هذا، فذهبا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله آية كذا وكذا، ثم قرأها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت فقال الآخر يا رسول الله، فقرأها على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: أليس هكذا يا رسول الله، قال: هكذا أنزلت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فأيّ ذلك قرأتم فقد أحسنتم، ولا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر، أو آية الكفر» (٤).
(٢) أي: جمعت عليه ثيابه عند لبّته أي موضع نحره، وموضع القلادة من الصدر، لئلا يتفلت مني، وأخذت بمجامع ردائه في عنقه، وجررته به، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شديدا في الحق، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفعل ذلك اجتهادا منه لظنه أن هشاما قد خالف الصواب، ولهذا لم ينكر عليه النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمره بإرساله، أي: بتركه، انظر: المرجع السابق، والنووي، صحيح مسلم (٦: ٩٨)، والفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة (لبب)، ص ١٧٠.
(٣) رواه البخاري ومسلم، انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (٩: ٢٣)، والنووي، صحيح مسلم بشرح النووي، في صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف (٦: ٩٨ - ١٠١).
(٤) الإمام أحمد، المسند، حديث رقم (١٧٨٥٥)، (٤: ٢٠٥).