واحد، فلو قلنا: حضر زيد وذهب عمرو، وحضر عمرو وذهب زيد في الوقت نفسه، فقد اجتمع الذهاب والحضور في زمن واحد وهذا تناقض، ولو قلنا: حضر زيد وذهب عمرو أمس، وحضر عمرو وذهب زيد اليوم، فلا تناقض، لحصول الأمرين في زمنين مختلفين (١).
ولم يسعف الواقع هذا المستشرق أن يجد مثالا واحدا فيه تعارض بين قراءتين متواترتين، ولو وجد لفرح به وسارع إلى نشره وإذاعته، ولكن اختلاف القراءات اختلاف تنوع وتغاير وليس اختلاف تعارض وتناقض (٢) وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: ٨٢].
الشبهة الخامسة: مخالفة بعض القراءات اللغة العربية
: طعن عدد من علماء اللغة وغيرهم في بعض أوجه القراءات، ظنا منهم أنها تخالف اللغة، أو لأنها تخالف المشهور من مذهبهم (٣)، ومن ذلك طعنهم في قراءة حمزة (والأرحام) بالجر، وفي قراءة ابن عامر: (شركائهم) بالياء، وفي قراءة (إنّ هذان لساحران) بتشديد إنّ وبالألف بعد الذال، وفي قراءات أخرى لمخالفتها المشهور من قواعد اللغة.
الرد على هذه الشبهة
: القراءات المتواترة الصحيحة كلها موافقة للغة العربية ولو بوجه فصيح أو أفصح، وهذا أحد شروط القراءة المقبولة (٤)، وقد قام العلماء بتتبع جميع القراءات التي طعن فيها أو ردّها بعض النحاة أو غيرهم، وتبيين وجهها في اللغة، فمخالفة القراءة لوجه من وجوه اللغة لا يعني مخالفتها للغة، واللغة واسعة فيها المشهور والضعيف، والنادر والغريب، وكان الأولى بأئمة النحو الذين تسرعوا في ردّ بعض أوجه القراءة أن

(١) عبد الفتاح القاضي، القراءات في نظر المستشرقين والملحدين، ١١١ - ١٢٢، وأحمد البيلي، الاختلاف بين القراءات، ص ٩٨ - ١٠١.
(٢) د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات، ص ٢٧.
(٣) د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات، ص ٦٦، ود. محمود الصغير، القراءات الشاذة، ص ٥١٨ - ٥٣٢.
(٤) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص ١٧١.


الصفحة التالية
Icon