النوع الرابع: أن يكون حجة لأهل الحق، ودفعا لأهل الزيغ، كقراءة: «وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً»، ففيها قراءتان:
القراءة الأولى: «وملكا كبيرا» بكسر اللام، وهي من أعظم الحجج على رؤية الحق تبارك وتعالى في الدار الآخرة؛ لأنه سبحانه هو الملك وحده في الدار الآخرة:
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: ١٦].
القراءة الثانية: «وملكا كبير» بضم الميم وسكون اللام، وهي قراءة الباقين، وهي القراءة المتواترة.
النوع الخامس: أن يكون حجة بترجيح قول بعض العلماء كقراءة: «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ»، فإن اللمس يطلق على الجس والمس، كقوله تعالى: فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ [الأنعام: ٧]، أي: مسوه.
النوع السادس: أن يكون حجة لقول بعض أهل العربية، وذلك نحو قوله تعالى:
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: ١]، فقراءة حمزة: والأرحام بالخفض، حجة لأهل العربية على جواز أن يكون معطوفا على موضع الجار والمجرور، والمعنى: «تساءلون به وبالأرحام»، وهذا العطف غير جائز عند بعض أهل العربية، وقراءة الباقين: وَالْأَرْحامَ، والمعنى: «اتقوا الأرحام أن تقطعوها» (١).
النوع السابع: أن يكون للجمع بين حكمين مختلفين، ومثاله «يطهرن» بالتخفيف والتشديد، في قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة: ٢٢٢].
فقد قرأ شعبة وحمزة والكسائي وخلف العاشر «يطّهّرن»، بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، وهو مضارع «تطهر، وصيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وقرأ الباقون: «يطهرن»، بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، مضارع «طهر»، يقال طهرت المرأة إذا انقطع عنها الحيض، فالجمع بين القراءتين يعني: أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع دم حيضها، وتطّهّر بالاغتسال.