المبحث الثاني جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه والفرق بينه وبين جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
جمع القرآن الكريم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم في الصدور وعلى أدوات الكتابة الأولية، وهي اللخف والعسب وجريد النخل وغيرها من أنواع الورق المتوفرة عندهم، ولم يكن القرآن الكريم آنذاك مجموعا في مكان واحد، بل كان مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط وبالأحرف السبعة (١).
قال البيهقي في المدخل: «واعلم أن القرآن كان مجموعا كله في صدور الرجال أيام حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومؤلفا هذا التأليف الذي نشاهده ونقرؤه إلا «سورة براءة» فإنها كانت من آخر ما نزل من القرآن... ويشبه أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم إنما لم يجمعه في مصحف واحد، لما كان يعلم من جواز ورود النسخ على أحكامه ورسومه، فلما ختم الله دينه بوفاة نبيه صلّى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي، قيض لخلفائه الراشدين عند الحاجة إليه جمعه بين الدفتين» (٢).
ثم جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه بسبب خوف الفاروق عمر رضي الله عنه ذهاب القرآن باستشهاد حفاظه وقد أمر أبو بكر رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يجمع القرآن، ذلك أن زيدا كان من حفاظ القرآن ومن كتاب الوحي، وهو ممن شهد العرضة الأخيرة للقرآن الكريم، وقد كان القرآن في عهد أبي بكر في مصحف واحد مرتب الآيات مشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن (٣).

(١) أبو شامة، المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، ص ٥٦ وما بعدها.
(٢) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص ٦١ - ٦٢.
(٣) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص ٦٢ - ٦٣، ومناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص ١١٨ - ١٢٨، وغانم قدوري، رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية، ص ٩٥ - ١٠٧ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon