النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة كالإمالة والتفخيم والإدغام والهمز والحركات وأضداد ذلك مما هو باقي الأحرف السبعة غير لغة قريش... » (١).
ونسخ عثمان رضي الله عنه مجموعة من المصاحف وأرسلها إلى الأمصار حيث قام بجمع القرآن الذي تلقاه النبي صلّى الله عليه وسلم، والذي كان يتنزل بوجوه متعددة ومتغايرة منزّلة من أوجه القرآن الكريم، وهي أوجه تتعلق بالتلاوة والقراءة كما تبين جليا من خلال استعراض الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف، ومن خلال المعنى المختار للأحرف السبعة.
وقد ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة العرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلّى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام متضمنة لها لم تترك منها حرفا، وهو القول الذي يظهر صوابه من خلال الأحاديث الصحيحة، والآثار المشهورة المستفيضة (٢).
وقد حسم عثمان بذلك الخلاف بين المسلمين في وجوه قراءة القرآن، وحملهم على ما نزل من القرآن بكيفياته المختلفة، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على الرسم الذي كتب به عثمان القرآن مشتملا على المستقر من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، ولا ريب في أن إجماع الصحابة حجة قطعية حسمت مادة الخلاف بين المسلمين، وأوجبت العمل بالرسم العثماني (٣).
قال أبو شامة: «ثم إن الصحابة رضي الله عنهم خافوا من كثرة الاختلاف، وألهموا، وفهموا أن تلك الرخصة قد استغني عنها بكثرة الحفظة للقرآن، ومن نشأ على حفظه صغيرا، فحسموا مادة ذلك بنسخ القرآن على اللفظ المنزل غير اللفظ

(١) منجد المقرئين، ص ٢١ - ٢٢.
(٢) هذا هو القول المشهور، وذهبت طائفة من الفقهاء والقراء إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة؛ لأن الأمة لا يجوز لها أن تهمل شيئا منها وذهبت طائفة أخرى إلى أن المصاحف لا تشتمل إلا على حرف واحد، انظر: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (١: ٣١)، ومنجد المقرئين ص ٢١، والطبري، جامع البيان (١: ٦٤).
(٣) انظر سبب جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه، مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص ١٢٨ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon