المبحث الثاني نشأة علم القراءات والمراحل التي مر بها
القراءات القرآنية مرتبطة ارتباطا وثيقا بنزول القرآن الكريم، وقد تقدم أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقرئ الصحابة رضي الله عنهم بهذه الأحرف، وكل واحد منهم يأخذ القراءة، ويقرأ ويقرئ بحسب ما تعلم، وانتشر الصحابة في الأمصار وتلقى منهم التابعون هذه الأحرف، وأخذ الأئمة عن التابعين حتى وصلت إلى زمن التدوين على ما سيأتي تفصيله.
أولا: متى كانت الرخصة بالأحرف السبعة؟
لقد وقع الخلاف عند العلماء في بداية نزول القراءات وأوجه الاختلاف في الكلمات، هل بدأ نزولها في مكة، أو في المدينة، على قولين:
القول الأول: أن بداية نزولها كان بمكة المكرمة، وذلك للأدلة التالية (١):
١ - الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف، ومنها: «أقرأني جبريل على حرف واحد، فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» فوجه الدلالة واضح في أن القراءات تزامن نزولها مع نزول القرآن الكريم، بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف، أي: بداية نزول القرآن الكريم، وهكذا كان يطلب النبي صلّى الله عليه وسلم من جبريل الزيادة.
٢ - أن القرآن الكريم نزل بحرف، وبأكثر من حرف، والناظر في سور القرآن الكريم يجد أن معظم سور القرآن نزلت بمكة، حيث إن عدد السور المكية ثلاث وثمانون سورة.
٣ - أنه لم يثبت بسند صحيح أن هذه السور نزلت مرة أخرى بالمدينة المنورة، فعدم نزولها مرة أخرى دليل على أنها نزلت أول مرة في مكة مشتملة على الأحرف السبعة.

(١) د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية (١: ٥٠ - ٥١).


الصفحة التالية
Icon