وخالف مكي بن أبي طالب، وابن الجزري في اشتراط التواتر ركنا في القراءة الصحيحة، وقالا: إن صحة الإسناد مع الاشتهار تكون كافية لإثبات القراءة القرآنية، إضافة إلى الركنين الآخرين وهما موافقة سنن العربية وموافقة الرسم العثماني (١).
ووجه الفرق بين الفريقين بالنسبة للركنين الآخرين سوى التواتر: أن الركنين الآخرين عند القائلين بالتواتر، هما ركنان لازمان للتواتر، بمعنى: أن القراءة المتواترة لا بد فيها من تحقق الشرطين الآخرين بطريق التّبع.
بخلاف القائلين: بأن التواتر ليس شرطا في صحة القراءة فإن الركنين الآخرين يعتبران ضروريين لاعتبار صحة القراءة فكون القراءة وردت بطريق الآحاد لا يكفي لاعتبار صحة القراءة بالحرف المروي.
وحينئذ يظهر: أن الخلاف بين الفريقين خلاف مؤداه واحد، ذلك أن الفريقين يشترطان التواتر لاعتبار إثبات القراءة وبيان ذلك: أن القائلين بالتواتر يعتبرون الشرطين الآخرين بمنزلة تحصيل الحاصل وتابع لتواتر الرواية، وكذلك الحال بالنسبة للقائلين بصحة السند مع الاشتهار، مع موافقة الوضع العربي والرسم العثماني، فإن هذين الشرطين يعطيان الرواية الصحيحة المشتهرة قوة التواتر فيأتلف الكلام حينئذ ولا يختلف.
(١) مكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص ٥٧ وما بعدها، وابن الجزري، النشر في القراءات العشر (١: ١٤)، ولذلك قال ابن الجزري:
فكلّ ما وافق وجه نحو | وكان للرّسم احتمالا يحوي |
وصح إسنادا هو القرآن | فهذه الثلاثة الأركان |