قال تلميذه يحيى بن الحارث الذماري: «كان ابن عامر رئيس الجامع، لا يرى فيه بدعة إلا غيّرها».
كما ولي القضاء بدمشق بعد أبي إدريس الخولاني، فكان قاضيا موفقا إذ اجتمع فيه من الصفات والشمائل ما يطمح إليه الطامحون إلى الكمال.
وصفه الأهوازي بقوله: «كان عبد الله بن عامر إماما عالما ثقة فيما أتاه، حافظا لما رواه، متقنا لما وعاه، عارفا فهما، قيّما فيما جاء به، صادقا فيما نقله، من أفضل المسلمين وخيار التابعين، وأجلّة الراوين، لا يتّهم في دينه ولا يشكّ في يقينه، ولا يرتاب في أمانته، ولا يطعن عليه في روايته، صحيح نقله فصيح قوله، عليا في قدره مصيبا في أمره، مشهورا في عمله، مرجوعا إلى فهمه، لم يتعدّ فيما ذهب إليه الأثر، ولم يقل قولا يخالف فيه الخبر» (١).
وهذه الشهادة من الأهوازي وهو العالم الجليل والقارئ الكبير جديرة أن تكتب بماء الذهب، لأنها شهادة من عارف خبير بحق عالم كبير، ولأنها أبرزت جوانب من صفات ابن عامر وأخلاقه، جديرة أن تكون محل القدوة والتأسي.
- تلاميذه: وقد أفاد من علم ابن عامر ومنهجه كثيرون، وصار له تلامذة وأتباع ورثوا علمه من بعده، وراحوا ينشرونه بين الناس على منهج أمة (اقرأ) في التعلم والتعليم ونشر آفاق العلم والفكر إلى أقصى مدى ممكن، فكان من هؤلاء التلامذة البررة يحيى بن الحارث الذماري، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وسعيد ابن عبد العزيز، وخلاد بن يزيد بن صبيح المري، ويزيد بن أبي مالك، كل هؤلاء رووا القراءة عرضا عن ابن عامر، بالإضافة إلى مئات ممن أخذوا عنه وأفادوا من علمه.
وهؤلاء التلاميذ صار منهم علماء كبار أجلاء، فقد صار سعيد بن عبد العزيز مفتيا لدمشق في أيام بني أمية، ومن العلماء العاملين الأخيار، وصار يحيى بن الحارث إمام الجامع الأموي وشيخ الإقراء بدمشق بعد ابن عامر، وكان ثقة عالما خيرا فاضلا.