عرف حمزة بلقب الزيات، لأنه كان تاجرا، يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز (١).
ولم يكن عمله بالتجارة يحول بينه وبين تعلم العلم وتعليمه، فالعالم يبذل علمه وينشره حيثما حلّ وأينما نزل، وكلما اتسع مجال اتصاله بالناس، ازداد حرصه على نشر العلم بينهم، فالعلم أمانة ومسئولية، والعالم سوف يسأل عن علمه ماذا فعل به.
- ثناء العلماء عليه: وقد عرف العلماء لحمزة فضله وعلمه وزهده وورعه، فأثنى عليه منهم كل من عرفه، ونقلت لنا كتب التراجم فيضا من أقوالهم فيه تصرح بإجلالهم له واعترافهم بقدره، ومن ذلك:
قال أبو حنيفة لحمزة: «شيئان غلبتنا عليهما لا ننازعك فيهما، القرآن والفرائض» (٢).
وترجم له ياقوت الحموي في معجمه فقال: «إليه المنتهى في الصدق والورع والتقوى، وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش، وكان إماما حجة ثقة ثبتا رضيا قيما بكتاب الله، بصيرا بالفرائض خبيرا بالعربية، حافظا للحديث عابدا زاهدا خاشعا قانتا لله ورعا، عديم النظير» (٣).
ولقد بلغ من زهده وورعه وعظيم فضله أن الناس كانوا يعتقدون بولايته وكرامته، وفي هذا يقول ابن فضيل: «ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة» (٤).
أما قراءته فكان طلبة العلم يتسابقون إلى أخذها وتعلمها، لدقته وضبطه وتحريه، وكان شيخه الأعمش إذا رآه مقبلا يقول لمن حوله: هذا حبر القرآن، وهي شهادة من الأعمش (الإمام الجليل الحافظ) تدل على مقدار إتقان حمزة وتفوقه في علم القراءات خاصة.

(١) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (١٠: ٢٩٠).
(٢) ابن الجزري، غاية النهاية (١: ٢٦٣).
(٣) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (١٠: ٢٩٢).
(٤) المرجع السابق.


الصفحة التالية
Icon