إذا سارت الأحداج فوق نباته | تفاوح مسك الغانيات ورنده |
وأمواه، تصلّ بها حصاها | صليل الحلى في أيدى الغوانى |
وبعض ألفاظ اللغة، أسلس على اللسان، وأجمل وقعا على الأذن من بعض، وهو جمال ظاهرى، يساعد الأديب على إيصال تجربته، وعلماء البلاغة يذكرون من صفات الألفاظ المفردة ما يصح أن تلتمسه هناك.
وفضلا عما للكلمات من خصائص يدركها إحساس الأديب، كذلك النظم في العبارة الأدبية، يحمل معنى أكثر مما تؤديه الجملة، بجريها على النحو، فإن هناك قوى يبثها المؤلف فيها، عن غير عمد حينا وعن عمد حينا آخر، فنجده يقدم، ويؤخر، ويذكر، ويحذف، ويصل، ويفصل، ويأتى ببعض ألوان المعارف دون بعض، وحينا يدع المعرفة إلى النكرة، وآنا يستخدم أداة من أدوات الطلب مكان أخرى، أو يأتى بزخرفة في مكانها، وقد وصل علماء البلاغة إلى إدراك كثير من هذه الأسرار، فعقدوا علما يتحدث عن خصائص الجملة ودعوه علم المعانى، وعلما للخيال الذى يعقد الصلة بين الأشياء ودعوه علم البيان، وآخر لبعض ألوان الجمال، وسموه علم البديع.
ولكن خصائص النظم، لا تقف عند حد الجملة، بل إن للأساليب خصائص، فمنها ما يناسب الانفعال السريع، والحركة المتوثبة، ومنها ما يناسب العاطفة الهادئة، والحركة البطيئة، وقد يدفع الإحساس الفنى الأديب، إلى انسجام في النظم وموسيقى لفظية، تساعد على الإيحاء، وإن هذا الانسجام وهذه الموسيقى يصلان إلى الذروة في فن الشعر، وبذلك يستطيع الأديب أن يصل إلى أسمى درجات التأثير.
***