وكقول الشاعر:
دببت للمجد، والساعون قد بلغوا | جهد النفوس، وألقوا دونه الأزرا |
وكابدوا المجد، حتى مل أكثرهم | وعانق المجد من أوفى ومن صبرا |
لا تحسب المجد تمرا، أنت آكله | لن تبلغ المجد حتى تعلق الصبرا |
قال معاوية لابنه: يا بنى ارو الشعر، وتخلق به، فلقد هممت يوم صفين بالفرار مرات، فما ردنى عن ذلك إلا قول ابن الأطنابة:
أبت لى همتى، وأبى بلائى | وأخذى الحمد بالثمن الربيح |
وإقدامى على المكروه نفسى | وضربى هامة البطل المشيح |
وقولى كلما جأشت وجاشت | مكانك، تحمدى، أو تستريحى |
لأدفع عن مكارم صالحات | وأحمى بعد عن عرض صحيح |
ولكن معاوية رأى في صاحبه بطلا جديرا بالاقتداء.
وبما قدمناه يتبين أن الخلاف على أن الإصلاح الاجتماعى من أهداف الأدب خلاف ظاهرى يزيله تحديد معنى الأدب، وتحديد مجاله، أما وقد قلنا: إن كل ما في الحياة يصلح أن يكون موضوعا للأدب، على أن يتناول من ناحية إحساس الأديب، بما فيه من جمال أو قبح، فلا ضير على الأديب إذا أن يتناول مسألة خلقية أو اجتماعية يعالجها، أو أن يدعو إلى فضيلة، أو ينهى عن مأثمة، على شريطة أن يكون ذلك من تجاربه، وأن يثير فينا الوجدان فيرضى فنعمل، أو يكره فنكف.
الأديب حر في أن يتناول ما يشاء من تجاربه، من غير أن نضع له خطة ينتهجها، وكل ما نطالبه به أن يرسم لنا شعوره، ولذا نرى من الأدباء من أحس بجمال المشورة فمدحها، كبشار بن برد، إذ قال: