قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لأبي بكر وعمر: (ولو اجتمعتُما في مشورة ما خالفتكما) » (١). والثانية: في وصف عامة أحوال المسلمين بالشورى قال تعالى:
﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ (الشورى: ٣٨).
قال «ابن كثير» (٢) :«أي: لا يُبرمون أمرًا حتى يتشاوروا فيه، ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب، وما جرى مجراها. ولما حضرتْ عمرَ بنَ الخطابِالوفاةُ حين طُعِنَ جعل الأمر بعده
شورى في ستة نَفَرٍ، وهم عثمانُ، وعليٌّ، وطلحةُ، والزبيرُ، وسعدٌ، وعبدُ الرحمن بنُ عوفٍ - رضي الله عنهم أجمعين - فاجتمع رأي الصحابة كلِّهم على تقديم عثمانَ عليهم، رضي الله عنهم».
والمستشارُ محاسبٌ أمامَ اللهِ تعالى والناسِ في مشورته، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:
(المستشار مؤتمن) (٣).
لذا قال «البخاريُّ» في «صحيحه» في (كتاب الاعتصام - باب ٢٨) :«كانت الأئمة بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يستشيرون الأُمَنَاءَ من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسْهلها، فإذا وَضَحَ الكتابُ أو السنةُ لم يتعدَّوْه إلى غيره اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.. وكان القُرَّاءُ أصحابَ مشورةِ عمرَ كهولاً كانوا أو شُبَّانًا. وكان وقَّافًا عند كتاب الله سبحانه وتعالى».
الأساس التاسع: تحقيقُ العدل، ودفعُ الظلم
القرآن الكريم أَمَرَ بتحقيق العدلِ بين الناس، ودفع الظلم. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ (النساء: ٥٨).
أَمَرَ الله تعالى الأمراءَ والحكامَ بالعدل بين الناس. قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (إنَّ أحبَّ الناس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسًا إمامٌ عادلٌ، وأبغضَ الناس إلى الله، وأبعدَهم منه مجلساً إمام جائر) (٤). وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة: ٨).
قال «ابن كثير» (٥) :« ﴿شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾، أي: بالعدل لا بالجور.. وقوله: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ﴾ أي: لا يحملنكم بُغْضُ قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدلَ في كل أحد، صديقًا كان أو عدوًّا، ولهذا قال: ﴿اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ أي: عدلُكُم أقربُ إلى التقوى من تركه. ودل الفعل على المصدرِ الذي عاد الضمير عليه».
الأساس العاشر: الإصلاح بين الناس
قال سبحانه وتعالى: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء: ١١٤).
قال «ابن كثير» (٦) :«يقول تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ﴾ يعني كلام الناس ﴿إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ أي: إلا نجوى مَنْ قال غير ذلك».
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (ألا أُخبركم بأفضلَ من درجةِ الصلاةِ والصيام
(٢) في «تفسيره» (٧: ٢١١).
(٣) أخرجه «أبو داود» في «سننه» في (كتاب الأدب - باب في المشورة) (٥١٢٨) من حديث «أبي هريرة».
(٤) أخرجه «الترمذي» في «جامعه» في (أبواب الأحكام - باب ما جاء في الإمام العادل) (١٣٢٩) من حديث «أبي سعيد الخدري».
(٥) في «تفسيره» «٣: ٦٢).
(٦) في «تفسيره» (٤١١: ٢).